الثلث الأخير!
ما أسرع الأيام وجريانها، بالأمس كنا نقول مهلاً رمضان على قول وداعاً رمضان، مرت أيامه كالبرق أو كلمح البصر، وأحوالنا معه بين مقصر ومقصر، فمهما بذلنا تبقى طبيعة نفوسنا التقصير، ولكن الوقت لم يفت، والقطار لا زال موجوداً بالمحطة، والعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات، وإنما الأعمال بالخواتيم.
يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالى: "إن الخيل إذا شارفت نهاية المضمار بذلت قصار جهدها لتفوز بالسباق، فلا تكن الخيل أفطن منك، فإنك إذا لم تحسن الاستقبال لعلك تحسن الوداع". ويقول الحسن رحمه الله تعالى: "أحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، فاغتنم ما بقي فلا تدري متى تدرك رحمة الله تعالى".
وحقيقة أيها السادة، إن إحسان العبادة في العشر الآواخر من رمضان، يعدل الثلثين الذين مضيا، فلنبادر إلى القران والقيام والدعاء والعلم وحسن الخلق والصدقة وكل خير فرمضان كله "أياماً معدودات" المقصد منها تحصيل التقوى "لعلكم تتقون". لا سيّما أن في العشر الأواخر ليلة القدر، التي قال صلى الله عليه وسلم: عنها "من قام ليلة القدر ثم وُفقَتْ له, إيماناً واحتساباً, غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه". ومن بركاتها أنها أفضل من ألف شهر، قال الله - عز وجل -: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}؛ أي أفضل من ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر.
ولا تجعل تركيزك وعبادتك في ليلة واحدة، بل اغتنمها كلها، وأقم جميع العشر الآواخر، "التمسوها في العشر الأواخر"، وإن كان أرجى ليلة فيها ليلة السابع والعشرين، وإلى ذلك ذهب أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، لما ورد عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: "والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان، والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين" رواه مسلم. وقال عليه الصلاة والسلام: "ليلة القدر، من كان متحريها فليتحرها في ليلة سبع وعشرين" رواه أحمد.
والله أسأل أن يبلغنا وإياكم ليلة القدر وقيامها إيمانا واحتساباً.
__________________
الدّين كله هو الخُلُق ، فمن زادَ عليك في الخُلُقِ ، فقد زاد عليك في الدين
ابن القيم
ما أسرع الأيام وجريانها، بالأمس كنا نقول مهلاً رمضان على قول وداعاً رمضان، مرت أيامه كالبرق أو كلمح البصر، وأحوالنا معه بين مقصر ومقصر، فمهما بذلنا تبقى طبيعة نفوسنا التقصير، ولكن الوقت لم يفت، والقطار لا زال موجوداً بالمحطة، والعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات، وإنما الأعمال بالخواتيم.
يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالى: "إن الخيل إذا شارفت نهاية المضمار بذلت قصار جهدها لتفوز بالسباق، فلا تكن الخيل أفطن منك، فإنك إذا لم تحسن الاستقبال لعلك تحسن الوداع". ويقول الحسن رحمه الله تعالى: "أحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، فاغتنم ما بقي فلا تدري متى تدرك رحمة الله تعالى".
وحقيقة أيها السادة، إن إحسان العبادة في العشر الآواخر من رمضان، يعدل الثلثين الذين مضيا، فلنبادر إلى القران والقيام والدعاء والعلم وحسن الخلق والصدقة وكل خير فرمضان كله "أياماً معدودات" المقصد منها تحصيل التقوى "لعلكم تتقون". لا سيّما أن في العشر الأواخر ليلة القدر، التي قال صلى الله عليه وسلم: عنها "من قام ليلة القدر ثم وُفقَتْ له, إيماناً واحتساباً, غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه". ومن بركاتها أنها أفضل من ألف شهر، قال الله - عز وجل -: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}؛ أي أفضل من ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر.
ولا تجعل تركيزك وعبادتك في ليلة واحدة، بل اغتنمها كلها، وأقم جميع العشر الآواخر، "التمسوها في العشر الأواخر"، وإن كان أرجى ليلة فيها ليلة السابع والعشرين، وإلى ذلك ذهب أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، لما ورد عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: "والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان، والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين" رواه مسلم. وقال عليه الصلاة والسلام: "ليلة القدر، من كان متحريها فليتحرها في ليلة سبع وعشرين" رواه أحمد.
والله أسأل أن يبلغنا وإياكم ليلة القدر وقيامها إيمانا واحتساباً.
__________________
الدّين كله هو الخُلُق ، فمن زادَ عليك في الخُلُقِ ، فقد زاد عليك في الدين
ابن القيم